Home » » تجديد البيعة لأمراء ريكسوس

تجديد البيعة لأمراء ريكسوس


تجديد البيعة لأمراء ريكسوس!


محمد اقميع |

عندما تطال الأزمات، الأمان والمعاش والماء والكهرباء والبنزين وعشرات الآلاف من المهجرين بالداخل والخارج ومثلهم من السجناء وضحايا الإرهاب والجرائم بكل أنواعها، سيكون من الجنون أن تحدث مواطناً عن صندوق الاقتراع وبهاء الحياة الديمقراطية أو عن التداول السلمي على السلطة؛ ومرشحي المؤتمر الوطني العام يستظلون ببنادق ودبابات أبناء عشائرهم وقبائلهم الذين يستعدون لتجديد البيعة لهم مرة أخرى لولاية برلمانية أخرى.

ان أكثر من 50% من الناخبين المسجلين في انتخابات المؤتمر الوطني العام في 2012 قرروا أن يلزموا بيوتهم في العام 2014 ويقاطعوا الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو الجاري. ويبدو أن أول تجربة انتخابات في ليبيا في العام 2012 كانت مجرد جس نبض للشارع الليبي ولتوجهات الناخب والتي كانت النتائج فيها مفاجئة ومغايرة تماماً لكل التوقعات. 

الأقلية من الليبيين الذين قرروا المشاركة في الانتخابات البرلمانية الحالية موزعون بين متفائلين يرون بأن الانتخابات البرلمانية هي طوق النجاة الأخير لإنقاذ البلاد من جحيم الفوضى؛ والفريق الآخر هم عدد من عشائر المرشحين وذويهم. أما الأغلبية الصامتة والتي قررت التزام الصمت فقد استسلمت لليأس واللاجدوى وباتت على قناعة أن ليبيا لن تخرج من أزمتها إلا بمعجزة من السماء .. فلزموا بيوتهم في انتظار تلك المُعجزة !

وربما، يعتقد الكثيرون بأن عدم مشاركتهم في الانتخابات هي عقاب للمؤتمر الوطني العام على آدائه السيء والفاشل وكذلك لأنهم تحايلوا على نتائج الانتخابات في 2012 والتي تحولت فيها الأقلية المتطرفة في المؤتمر الوطني العام إلى أغلبية مهيمنة وأصبحوا هم القيادة المُحركة للمؤتمر وهم صناع القرار. ولكن، عقابهم من قبل الأغلبية بمقاطعة الانتخابات لم يكن إلا هدية لهم من السماء.

ولا يعلم مقاطعو الانتخابات أنهم قد ساهموا بتجديد البيعة لأمراء ريكسوس بترك ساحة الاقتراع لعشائر مرشحي المؤتمر العام ومليشياتهم. كما أن ترويج فكرة "الانتخابات محسومة النتائج" ليست إلا احدى تقنيات الانفراد بصندوق الاقتراع وعزل الشارع والاغلبية التي ترفض استمرار العصابة الحاكمة المهيمنة على صناعة القرار وموارد البلاد. اضافة الى اختلاق سلسلة الأزمات المصطنعة التي طالت الحاجات اليومية للمواطن بغرض انهاكه واغراقه في همومه اليومية بحثاً عن البنزين ورغيف خبز أو مخبأ آمن بعيد عن نيران مليشياتهم ورعبهم.

والمُلاحظ في هذه الانتخابات أن شعارات القذافي وآرائه حول عدم جدوى التجربة الحزبية وأن (كل من تحزب خان) صار أحد الشعارات الدوغمائية المحفورة في أذهان العامة بل وأيضاً من يوصفون بالنخبة بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم؛ وحرص المرشحين في دعاياتهم على تأكيد عدم انتمائهم إلى أي حزب أو تيار سياسي وكأن الأمر أصبح تهمة يحرص الجميع على تبرئة أنفسهم منها.

وقد كان ذلك نتيجة للحملات الاعلامية المكثفة ضد الأحزاب والتي اتبعتها وسائل اعلام ومواقع "احزاب الاسلام السياسي" كجماعة الاخوان والجماعة المقاتلة والجبهة والتي رفعت شعار "علي وعلى أعدائي"  بعد أن اكتشفت افلاسها وخسارتها المدوية في انتخابات 2012 حيث كان نصيب بعضها صفر. بينما حصد تحالف القوى الوطنية الأغلبية والذي لم يمهلوه طويلاً وتم اقصاءه بقوة المال والاعلام والسلاح واختلاق حرب قبلية كانت من أفظع جرائم "الاسلام السياسي" في ليبيا وهي حرب اجتياح بني وليد وتسببهم في أزمة قبلية وشرخ اجتماعي لن يمحوه التاريخ ببساطة.

لقد عودنا الاسلام السياسي أنهم لا يتورعون عن فعل أي شيء في سبيل الانفراد بالحكم وهم مستعدون أن يحكموا حتى قرية صغيرة لتصبح امارة كما فعلوا بمدينة درنة المختطفة. وكما فعلوا مع مدينة مصراتة التي تحول فيها الانتماء للإخوان قدر قبلي واجتماعي لكل قاطنيها وكل خارج عن جماعة الاخوان فيها، إما منبوذ أو هارب من وطنه أو مغرد خارج السرب. لذلك كانت أحزاب الاسلام السياسي مرعبة لأنها أحزاب متحررة من أي وازع ديني أو أخلاقي أو انساني وكل شيء مباح في سبيل الوصول للسلطة، ولو مزقوا الوطن إربا وأغرقوه في الدم أو في الهاوية كما هدد أحد قادتهم.

والطريف، أن حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين أصبح يستخدم بطاقات مزورة تابعة للحزب ويضع عليها أسماء شخصيات معروفة مرشحة للانتخابات البرلمانية الحالية ومنهم السيد "حمودة سيالة" والذي قام عضو حزب العدالة والبناء السيد عبد الرزاق العرادي بنشر بطاقة مزورة للمرشح على صفحته الشخصية في "الفيسبوك" تفيد بأن السيد "حمودة سيالة" هو احد اعضاء حزب العدالة والبناء الاخواني... وبغض النظر عن تعليقه ونفيه انتماء سيالة لجماعة الاخوان فما مبرر نشر هذه البطاقة المزورة من قبل السيد العرادي. وفي هذا التوقيت قبيل الاقتراع بساعات..! ولماذا أصبح الانتماء لحزب العدالة والبناء لعنة ونقيصة حتى في نظر اعضائه؟

ختاما .. ما كان ينبغي لهذه الانتخابات أن تجرى في هذا التوقيت وهذه الظروف التي تمر بها ليبيا. ولكن، الشارع الذي لا يستطيع ايقاف الانتخابات أو تغيير موعدها، ليس أمامه من خيار إلا أن يشارك فيها ويقطع الطريق أمام الانتهازيين والمتآمرين وأن يساهم باختيار الأفضل والأنسب لإدارة شؤون البلاد. فمقاطعة الأغلبية يعني مساهمتهم الفاعلة باستمرار الوضع على ما هو عليه، فالسلبية ليست حلاً ... كما أن اللجوء لقوة السلاح لن يزيد الأمر إلا تعقيداً وسوءًا...!

محمد اقميع

24/06/2014

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Recent Posts Widget

" Weapon of paranoia"

إعلام الكراهية

كيف يرتب الإعلام أولوياتنا؟