« الخجل
واجب وطني »
«كلّ ما في الدنيا يصرخ بأهل السياسة أنَّ
أدنى واجباتهم حيال الشعب
المعذَّب والبلد المصلوب هو أن يكونوا أكثر
خجلاً...». أنسي الحاج (*)
محمد
اقميع |

أما الشعب الليبي الذي يعاني ويلات الحرب،
والتشرد، والجوع فهو آخر من يعــنيه هذا الصراع العبثي، ومرغماً يلــتزم الصمت،
وانتظار شـفـقة أو تعـب الـدول الكبرى، فمـن لم يُسكـته سلاح عصابات ومليشيات
الطرفين في ليبيا، سيخـرسه بالتأكيد ضجيجهم الإعـلامي. فأقصى أحلام هذا الشعب سقف
وطن آمن. ولا تعـنيه حروب حفتر والاخوان ومن ورائهم.
يدرك الليبيون أن نهـاية الانقسام والـنزاع
والاقتتــال الدموي في بلادهــم لن يكــون إلا باتفــاق زعماء هذه الدول الداعمة
والممولة لأطراف الصراع الليبي، وأنه على يقين بأن هذه الدول هم صناع الفوضى،
وصناع القرار الحقيقيين، وهم أطراف الانقسام الفعـلــيين...! أما البيادق المحلية
ممن حمّلوهم ألقاب "أصحاب الفخامة" و"القادة" المحليين، فليسوا
إلا مجرد واجهة تلفــزيونية لألقاء البيانات، وحـضور المؤتمرات واجتماعات الحوار
الوهمية.
مُخجِلة، ومثــيرة للشفقة، والغثــيان.. ظاهرة الدعارة
السياسية الليبية، والارتهان للخـارج، وسباق الليبيين من شـرق البـلاد وغـربها بين
العـواصم العـربية والأجنبية، ليتوسل كل فصيل مـزيـد الــدعم، والأموال، والسلاح. ودون
أن يجـد
السياسيون الليبيون أو أمراء الحرب المحليين أي حرج في التنكــيل بأهلــهم، وهزّ
ذيلهم للأجنــبي.
مليشــيات، اعلامـيون، سياســيون ومدن وقبــائل
أصبـحـت تعــاني ادمان التحــالف مع دول أجــنبية ضد خصــومهم من أبناء وطنــهم. ربما،
نجـاح تجربة الاستـعـانة بتحــالف النــاتو للإطــاحة بنظــام القــذافـي فتـحـت شـهـية
كثير من اللــيبيين لقـتــل بعضهم بعضــاً بدعـم من الخــارج سـواء من دول غـربية
أو عربية، وأدركوا أن أقـصـر الطرق للوصول للسـلطة في بلادهـم لا يمر إلا عبر
عواصم الخلــيج.
إذا ما استمرت هذه الحالة، ربما، ينتهي المطاف
بالليبيين الى أن ينقرضوا أو يدفعوا (الإتاوة) أو الجزية لحكام الخلــيج وحلفــائهم
مقابل البقاء على أرضـهم بسلام. لا شيء مستبـعـد! فقد ابتليت ليبيا بأن يقــودها
ويسـوسها الجهل، والتخلف، والتطرف القبلي والديني...! ولم يعد الناس يرجوا من
الساسة الحكمة، أو التعقـل، بل أن يتحـلّوا فقط ببعض الخجل مما يفعلونه ببلدهم.
وقد قادوا ليبيا من أنفـها إلى عصر قبائل
الجاهلية، وأصبحت بيانات القبائل تتصـدر عناوين نشرات الاخبار، وتقود البرلمان،
وتسيطر على حقول البترول، وأصبحنا نصنف الليبيين في بلادهم ما بين (مهاجرين
وأنصار) ...!

فقط قليل من الحـياء.. يكفي لإعادة الحياة..
* * *
محمد
اقميع
كاتب
ليبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) – عن
مقال للشاعر اللبناني الراحل أنسي الحاج، صحيفة الاخبار، العدد 961 السبت 31/10/
2009
...
0 التعليقات :
إرسال تعليق