Home » » بيادق الحرب الليبية

بيادق الحرب الليبية

محمد اقميع |  

بيادق الحرب الليبية ليست إلا مجرد أدوات قتل صماء لا يُعــوَّل عليها، وكل وظيفتها أن تَقتل أو تُقتل، وأن تحتل وتدمر مدنها وقراها، وأن تشكل حكومات وهمية لا تملك من أمرها شيئاً؛ ومن العبث التفكير بنقـل تلك البيادق من طاولة اللعب إلى طاولة الحوار، إلا بمشيئة الأطراف الدولية صاحبة المصلحة الحقيقية. لذلك فإن كان ثمة مشروع جدي للحوار والتفاوض فيجب أن يكون بين الأطراف الدولية المعنية بهذا الصراع، اللاعبين الأساسيين وليس بين البيادق الليبية المتناحرة على الأرض، وعندما تقتنع الدول المتصارعة في الساحة الليبية باللجوء إلى الحوار وتقاسم التركة الليبية والاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية على رجالاتهم من قادة المليشيات وزعماء القبائل والمدن المتناحرة... سينتهي الأمر حينها.

مسؤولون أمريكيون يقولون: «أن مساعي الحوار الليبي سيكون مصيرها الفشل بسبب تدخل دولٍ وأطرافٍ خارجية»، ويصفون الصراع الدائر في ليبيا بأنه حرب بالوكالة ولا تعني الليبيين...!! وطالما تدرك أمريكا أن الليبيين يخوضون حربًا بالوكالة وأنهم مجرد بيادق حرب فإنه من غير المنطقي أن نستغرب تدخل تلك الدول المعنية، طالما أن هذه الحروب على الأرض الليبية هي حروبهم، فتدخلهم هو حقهم المشروع، لأنهم هم (أصحاب المصلحة) وهم أطراف الصراع الرئيسية، وبالتالي هم من يقرر متى وأين وكيف يتم الحوار في ليبيا...! ربما الاستمرار في تجاهل هذا الواقع هو ما يساهم في تأجيج الموقف وتواصل مسلسل القتل والتهجير وتفاقم حجم الكارثة في ليبيا.

قبل أيام تنفس الليبيون الصعداء واستبشروا خيرًا بإعلان المصالحة الخليجية، وعودة قطر إلى أحضان مجلس التعاون، وارتفعت أصوات التكبير والدعاء لعل تلك المصالحة التاريخية توقف أنهار الدماء على أرضهم، وتنتهي معاناة الحرب ومآسيها ويتصالح أمراء الخليج وفضائياتهم ويتوقف مسلسل التحريض والتحشيد وحمى الاستقطاب وتأجيج العداوة، وينطلق خطاب التصالح والتسامح ونبذ العنف والفرقة ما بين أبناء البلد الواحد. ولكن، سرعان ما تلاشت أحلام البؤساء في الصحراء الليبية... وأيقنوا بأن ما يحدث على رقعة الشطرنج الليبية سيظل لعبة مسلية ولا يهم كم يسقط من البيادق طالما تمتع اللاعبون بروح رياضية أخوية فيما بينهم.

وكذلك ليست سراً، الحرب المصرية- المصرية المشتعلة على الساحة الليبية، فحتى جدران البنايات في المدن والقرى الليبية أصبحت تعج بالشعارات والعبارات المؤيدة والمعارضة لنظام السيسي أو لجماعة الإخوان، وكأنك في أحد الشوارع الخلفية في مدن وقرى مصرية وأيضاً الفضائيات الليبية وصفحات التواصل الاجتماعي قد انقسمت ما بين مؤيد للجيش المصري ومؤيد لجماعة للإخوان...! وليس بعيداً عن الواقع، ما يعتقده الكثيرون من أن «الكرامة» و«فجر ليبيا» ما هي إلا حرب مصرية بدماء ليبية بين جماعة الإخوان المصرية والجيش المصري، فإخوتنا المصريون كما هم دائماً «مِصرهم» أكبر من كل الخلافات والحروب، وإن اضطروا للحرب فلن تكون «أم الدنيا» ساحة للقتال طالما هناك أرض سائبة وأرواح رخيصة في بلد اسمه «ليبيا» ولم يكن للمرة الأولى ساحة لتصفية الحساب الدولية، فقد ظل أهله دائمًا وقودًا لحروب لا تعنيه، فليبيا بلد عرف منذ القدم تصدير الدماء والأرواح قبل أي سلعة أخرى...!

▪ ▪ ▪
وربما سنظل كذلك... حروبنا مستعارة وحتى الرجولة والفحولة وأكوام الثوار ومشاريع الحوار... فليس هناك شيء أصيل يخرج من هذه الأرض غير النفـط... وإذا انتهى أو هـبط سعره... بخس سعر هذه الأرض وكل ما عليها من بشر وحجر...! فلننسَ إلى حين شعار «ليبيا حرة». فليبيا صحراء متخمة بالكذب... وأفسحوا المجال للدول صاحبة المصلحة الحقيقية في هذه الحروب للتحاور والتفاوض ولتقرر ما تشاء.

   

محمد اقميع

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Recent Posts Widget

" Weapon of paranoia"

إعلام الكراهية

كيف يرتب الإعلام أولوياتنا؟