Home » » الحرب الأهلية الملاذ الأخير للمؤتمر الوطني |

الحرب الأهلية الملاذ الأخير للمؤتمر الوطني |




الحرب الأهلية الملاذ الأخير للمؤتمر الوطني |

محمد اقميع | الخميس, 22 مايو 2014 |

التخلي عن السلطة ليس بالأمر الهين، ومن ذاق نعيمها لن يعود إلى القاع حيث العوام وبسطاء الناس، وإن كان أولئك العوام هم من أوصلوه لسدة الحكم، لذلك وبلا أي تردد وأدنى تفكير في العواقب الوخيمة لهذا القرار، قادة المؤتمر الوطني العام يصدرون قرارًا باستدعاء الشباب المسلحين من "مدينة مصراتة" لمواجهة مسلحي "مدينة الزنتان" في طرابلس، فمن أجل إنقاذ عرشهم لن يتوانى قادة ليبيا الجدد في إحراق الأرض ومن عليها حفاظًا على سلطتهم وامتيازاتهم. 

علينا أن نطرح جانبًا تلك المُسميات ونواجه الحقيقة كما هي، فلا يغير من واقع إشعال الحرب القبلية شيئًا أن تتداول وسائل الإعلام مسميات القعقـاع والدروع والصواعـق وغـرفة الثـوار وغيرها، فهي في حقيقتها ميليشيات أو تشكيلات قبلية مُسلحة تتبع مدنًا وقبائل بعينها، وإن أي صدام مسلح بينها هو إيذان بإشعال حرب أهلية لن ينجو منها أحد؛ وسيكون الخاسر الوحيد فيها هو ليبيا وشعبها، إنها حرب أهلية بقــرار رسمي من أعلى سلطة في البلاد!

فالاستعانة بالتشكيلات القبلية المسلحة لقمع تشكيلات قبلية مسلحة أخرى ليس حلاً للمشكلة، صحيح، وكما قال عالم النفس غوستاف لوبون، "إن البرلمان هو آخر مكان يمكن للعبقرية أن تشع فيه"، ولكن هذا لا يعني أن تترك البلاد لعبث البلهاء، فإن مثل هذه القرارات هو جريمة في حق ليبيا والليبيين واستغلال الشباب الليبيين المسلحين لقتل بعضهم بعضا بهذه الطريقة، هو عمل "لا أخلاقي" وإن صدر من أعلى سلطة في البلاد، وعلى أهالي المدن الليبية أن ينتبهوا لما قد تجره حماقات صناع القرار ومهووسي السلطة من عواقب وخيمة على البلاد، وألا يزجوا بأبنائهم في أتون حرب أهلية لا منتصر فيها، فأرواح أبنائنا وشبابنا أغلى من أن يقدموا قرابين رخيصة دفاعًا عن جماعة متشبثة بالسلطة بأي ثمن ولو أحرقت البلاد والعباد.

إن قادة ما يسمى بكتل الإسلام السياسي أو "الميكافيليين" الجدد الذين يُحكمون قبضتهم على المؤتمر الوطني العام أدركوا منذ البداية أن الجيش الموَّحد وتحت قيادة موحدة وكذلك الوحــدة الوطنية للبــلاد هو مكمن الخطر الذي يهدد أي سلــطة "مـارقة" و"نـزقة"، فانتَبَـهوا إلى ضـرورة تكـريس حـالة الانقسام ما بين المـدن والقبــائل وترســيخ فكــرة الجــيوش القبــلية والجهـوية والأيديولوجية لتكــون بديلاً للجيش الليبي الموحد، وكذلك العمل على التخلص من أبرز قيادات وعناصر الجيش الليبي السابق إما بالتقـاعد الإجباري أو العزل السياسي أو عزلهم من الوجود نهائيًا حتى من كان شريكًا أساسيًا في حربهم الأولى التي أوصلتهم للسلطة ومن كان في مقدمة الصفوف في الجبهة.

لذلك وطبقًا للمبدأ الميكافيلي: "إن الرعية يُتمَكن مِنهَا بالانقسام"، لم يترددوا في إشعال الفتن القبلية والحروب الأهلية، ما بين المدن والقبائل الليبية، ومنها قرارهم الكارثي الشهير رقم 7 والذي رأى فيه قادة الإسلام السياسي، وبمباركة مفتي الديار الليبية، أن إشعال هذه الحرب القبلية ما بين مدينتين سوف يمكنهم من هزيمة خصومهم السياسيين وإلى الأبد.

بالفعل أثبت أقطاب الإسلام السياسي في ليبيا أنهم ليسوا متشددين ومتطرفين إسلاميًا، بل ميكافيلياً، إنهم أشد "ميكافيلية" من نيكولا ميكافيلي نفسه، خصوصًا فيما تعلق بتنظيراته عن ضرورة استخدام الدين من قبل السلطة الحاكمة لا "لخدمة الفضيلة" بل "لإحكام السيطرة والهيمنة" على الشعب، حسب قول ميكافيلي: "إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس"، وقد استخدموا الدين على أكمل وجه لبسط سيطرتهم على البلاد.

مثلما، وجدوا ضالتهم في مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة"، لتبرير استخدام الوسائل القذرة في الحرب والسلم من أجل الوصول إلى غايتهم المنشودة وهي الاستئثار بالحكم والسلطة المطلقة في البلاد، وليس لتحكيم "شرع الله" كما يدعون، فلا ضير من الكذب والخداع والنفاق وحتى الخطف والقتل! وكذلك تجنيد المراهقين وأصحاب السوابق في التشكيلات "الإسلامية" المسلحة! وتقسيم المدن والقبائل الليبية ما بين إسلامية وعلمانية علاوة على تصنيفها ما بين منتصرة ومهزومة.

إن المؤتمر الوطني العام الحالي وما وصل إليه قادته من هوس تشبثه بالسلطة بأي ثمن، إضافة إلى فشله في كل مهامه الموكلة إليه؛ أصبح استمرار وجوده يشكل خطرًا على البلاد ويهدد الأمن والسلم الاجتماعي، وعلى الليبيين، خصوصًا أهالي تلك المدن التي يحرضها على قتال أخوتهم الليبيين من أجل بقائه في السلطة، أن يأتوا بالفعل للمؤتمر العام ولكن مدنيين لا مسلحين من أجل إعفاء قادة وأعضاء المؤتمر من مهامهم، وأن يكلف الشعب الليبي من هم أكثر تعقلاً وحكمة لإدارة شؤون بلادهم.

محمد اقميع

1 التعليقات :

  1. تدوقوا طعم الحرية و الدىمقراطية واستانسوا بثواركم

    ردحذف

Recent Posts Widget

" Weapon of paranoia"

إعلام الكراهية

كيف يرتب الإعلام أولوياتنا؟